
الصحفي والكاتب توفيق بن بريك أصدرت له دار الجنوب كتابا جديدا بعنوان «كوزكي» ضمن سلسلة عيون المعاصرة التي يشرف عليها الأستاذ توفيق بكار وتولى حسين الواد تقديم «كوزكي»
وقد تحصّل الكاتب توفيق بن بريك على جائزة «ibsen» الدولية نظير مؤلفاته في مجال الفكر والآداب. ومن المقرر أن يتسلّم الجائزة في مارس القادم. وتمنح هذه الجائزة كل سنتين وتقدر قيمتها بـ300 ألف يورو.. «المغرب» التقته بالمناسبة فكان لنا معه الحوار التالي:
«كوزكي»، لماذا هذا الكتاب؟
عادة الكاتب قبل أن يؤلف شيئا ما تكون هناك أشياء عديدة تحرّكت فيه، أزعجته، أفرحته، أبكته، حيّرته...
ما يصنع الكاتب؟ أنا لا أرى نفسي أفعل شيئا آخر غير الكتابة، دائما تبقى الكتابة قلقا وحيرة.. واحد يفصلها بالخمر، وآخر يفصلها بالمخدرات، وآخر يفصلها بالجنس.. الكتابة هي التي تعدّل بوصلتي، هذه الحرفة أي الكتابة، تمكنني من أثمن شيء لديّ، هي العزلة، الكتابة تساعدني على تهدئة أعصابي.. وتساعدني كي أقتات.. هي حرفتي ولا أستطيع أن أفعل شيئا غيرها..
• ما حكاية «كوازاكي»؟
لو أستطيع حكايتها لما كتبتها، عندما أكتب أي عمل وأتخلص منه، لا أستطيع العودة إليه وتذكّر تفاصيله، أنا الآن كتبت 16 كتابا، لكن كل كاتب لديه حكاية واحدة، كل الكتب التي كتبتها لها نفس الحكاية.. أنا حكايتي هي الكتابة، مثلا، بطل كتاب "كلب ابن كلب" أو كتاباتي بالفرنسية، أو بالدارجة أو بالعربية، البطل هي الكتابة..
• تصفّحت كتابك الجديد «كوزكي» فوجدتك تقحم الدارجة هنا وهناك، ما الذي تمنحك الدارجة أكثر من العربية؟
هناك مشكلة ذكاء اللغة، هناك حكايات لا تستطيع حكيها إلا بالعربية وهناك حكايات لا تستطيع أن تكتبها إلا بالفرنسة، وهناك حكايات أخرى لا تستطيع إلا أن تكتبها بالدارجة، لكن تبقى روح اللغة العربية بالنسبة لي هي المقدّس..
• من المنتظر أن تلتئم الدورة الواحدة والثلاثين لمعرض تونس الدولي للكتاب هذه السنة من 27 مارس إلى 05 أفريل 2015، ماذا تنتظر من هذه الدورة؟ وما هي النقائص التي يجب أن يقع تلافيها؟
أنا لم أذهب قط إلى معرض الكتاب، ولا إلى مهرجان قرطاج الدولي.. لكني أحبّ المطالعة والموسيقى، هذه هي طبيعتي..
• طيّب حدّثني عن رحلة الكتاب الصعبة، من الكتابة إلى النشر إلى التوزيع.. إلى معرض الكتاب؟
في تونس لا نملك ثقافة الكتاب، في فرنسا مثلا، دار قاليمار، يزورونها أكثر من التوريفال، فقط تعطي لهذه الدار الكتاب على ورق، وهم يقومون بكل شيء، كل ما يهمّ الكتابة والورق، حتى الصحافة مجال، لا نهتم به، نبقى أكبر بلاد متخلفة في التاريخ البشري، شراء كتاب، أو الذهاب إلى المكتبة أو السينما أو المسرح ليست حركة طبيعة لدى التونسيين.. مثلا في بيروت يقدّسون الكتاب، سحروا الحبر على الورق، وحتى القاهرة والجزائر، تونس تختلف..
• هناك العديد من الكتاب في تونس يقومون بالنشر في الخارج، بإعتبار أن السوق التونسية صغيرة، وهم يريدون لكتابهم أن ينتشر أكثر، لماذا لم تنشر في الخارج، في بيروت التي تحدّثت عنها مثلا؟
أنا أردت أن أنشر في هذه الدار، دار الجنوب التي أعتبرها مثل دار قاليمار، التي نشر فيها محمود درويش كتاباته أوّل مرّة، حنامينا، عبد الرحمان منيف، ومن يشرفون على هذه الدار، يعتبرون من قمم النقاد، توفيق بكار قرأ كتابي في يوم واحد، في ليلة، ولكن تتبّع الكتاب، بالنقطة بالنقطة، هو إنسان متعب ومخيف.. «عيون المعاصرة»، ظلّت 5 سنوات لم تنشر كتابا، لأنها لم تجد نصا ونشرت كتابي، لكن هذا النص، أعجبوا به إعجابا مطلقا فاق إعجابهم بمحمود المسعدي والبشير خريّف..
حتى مقدّم النص حسين الواد، اعتبره كتابا عجيبا، أسموه "مروية"، أعتقد أنّي بالنسبة إليهم كتبت جنسا أدبيا جديدا في الآداب العالمية، أراد في البداية أن يسميها "سردية"، لكن وجد بطلتي اسمها "مروية"، فأسماها "مروية"..
• ما الذي تتمنى أن لا يحدث في الساحة الثقافية في 2015؟
أريد أن يحدث كل شيء، حتى لا نتكلّم عن التصحّر الثقافي، لا أعرف ما الذي يجب أن يحدث أن نخلق الإبداع الثقافي، هناك تصحّر في تونس في كل المستويات، الإبداع في هذا البلد أفل وبقينا نجتر في آبي القاسم الشابي ومحمود المسعدي والدوعاجي والبشير خرّيف، إلى متى؟ أنا طلقت السينما وطلقت المسرح، لم أعد أرتادهما، أنا لا أملك تلفازا في بيتي، لكني أملك شاشة لأشاهد السينما العالمية، أستهلك السينما الأمريكية خصوصا، ولا أستهلك السينما التونسية..
• ما الذي يزعجك في السينما التونسية؟
الإبداع يتطلّب المال أيضا، إذا لم يكن لديك مال، لا تقم بالسينما، إذا لم تقم بالعمل السينمائي بكامل بذخه وأناقته لا تقم به أفضل..
• في تونس لا نرى رجال أعمال، أو نساء أعمال، يستثمرون في الثقافة؟
جهلة، أناس لا يملكون ذوقا حتى في هندامهم، لماذا أغنياء تونس «لكلهم يشيشوا»؟ هناك مشكل ليبيدو؟ أنا عرفت العديد من الأثرياء اللبنانيين مثلا، تشعر عندما تجالسهم بالرقي، متى شاهدتم في تونس أثرياء يهتمون بالكتاب؟ متى شاهدتم سياسيا يحمل كتابا؟ أصلا الكتاب ليس من مشمولاتهم واحتياجاتهم.. من ناحية أخرى "المبدع" لا يبدع، الإبداع يكون بسرعة الذرة لا بسرعة الضوء..
• ما هي صفات وزير الثقافة المثالية؟
هذا لا يعنيني، أنا لا أهتمّ بهذا، أنا لا أرى أي إنسان في تونس قادرا أن يمسك بزمام وزارة الثقافة..
• لماذا؟
من سيمسك بزمام هذه الوزارة صاحبة السعد المكبوب؟ أرى أنّ الفعل الثقافي عمل متكامل، الثقافة في تونس غير موجودة، في باريس كل حجرة تتكلّم، والتقدير والتقديس للثقافة شيء مذهل..
• وعلى الصعيد السياسي، كيف ترى تونس في المستقبل؟
إذا لا تعطي حقوق الجوعان، فلا مجال للهدوء ..