... يعُود بدء التراجع، في مجتمعاتنا العربيّة و الإسـلاميّة -بعد أن كان لها شأن عظيم في النهوض الحضاري- إلى تخلـّي فئات منها عمّا أوصى به إمام حضارتها عليه الصلاة والسلام من مكارم، ومن اجتناب الغلوّ في الدّين، لأنّه يُؤدّي، أحيانا كثيرة، إلى الخروج عن الجادّة. ... والاجتهاد -مرتكِـزًا على معلومات صحيحة ثابتة مقترنة بالاعتزاز- هذا ما ينبغي لمجتمعاتنا، اليوم، أن تَقـْدر على القيام به، لتكون سيّدة مصيرها، في كنف القوّة الاقتصاديّة الذاتية، والعزّ الحضاري، "وقَوام" الانتماء. ... إنّ مجتمعاتنا العربيّة كانت في حاجة إلى ثورة، بالقول وبالفعل، لتصحيح ما هي عليه من توجّهات اجتماعيّة، والخروج من أنفاق الفساد المستشري في أركان الكثير منها، والذي كان من أسباب البُطء في نموّها. ... لكن لنا أن نتساءل هل كان لزاما أن تتـّخذ عندنا الثورة -هنا أو هناك- صيغا عنيفة وأحيانا هدّامة، تجعل العديد من مجتمعاتنا في ارتبـاك يُقـَارِبُ الفوضى، وتجعل البعض منها في تناحر داخلي، وانهيار لأغلب مؤسّسات الدولة؟